2023 سيكون الأخطر.. والاستيطان تضاعف 3 مرات في 2022

واصلت حكومة الاحتلال الإسرائيلي وبوتائر متسارعة مشاريعها الاستيطانية في الضفة الغربية والقدس المحتلتين خلال العام 2022، والذي شهد تصاعدًا وتضاعفًا في عدد الوحدات الاستيطانية ثلاث مرات عن العام الماضي 2021.
ووُصف العام 2022 بالأسوأ والأخطر على الفلسطينيين منذ عام 1967، لما شهده من تصاعد غير مسبوق في زيادة عنف المستوطنين، وارتفاع وتيرة الاستيطان وتوسيع المستوطنات، ومصادرة الأراضي الفلسطينية في الضفة والقدس، بغية تعزيز الوجود الاستيطاني وزيادة أعداد المستوطنين، وتغيير الوقائع على الأرض.
وقال مدير معهد الأبحاث التطبيقية (أريج) جاد إسحاق أنّ "إسرائيل ماضية في مخططها التوسعي في الضفة الغربية بما فيها مدينة القدس المحتلة.. ويبدو أن 2023 سيكون أصعب، حيث أن إسرائيل ماضية في مخططها التوسعي في الضفة الغربية بما فيها مدينة القدس المحتلة، وتعمل على تنفيذ مشاريع خطيرة أبرزها ما يُسمى بـ (القدس الكبرى) وتشمل التجمعات الاستيطانية معالية أدوميم، بسغات زئيف، وغوش عتصيون".
استيلاء واعتداء
شهد العام 2022 تسارعًا ملحوظًا في عدد المخططات الاستيطانية، في ظل المساعي الحثيثة لحكومة الاحتلال للسيطرة على المزيد من الأراضي الفلسطينية، وفرض الوقائع على الأرض ببناء وتوسيع المستوطنات وشرعنة البؤر الاستيطانية، وشق المزيد من الطرق الالتفافية، وخاصة بالمناطق المصنفة "ج" في الضفة الغربية.
وخلال هذا العام، استولت سلطات الاحتلال على 113435 دونمًا من الأراضي الفلسطينية لصالح الاستيطان، وصادقت على 114مخططًا استيطانيًا، وأقامت 2220 وحدة استيطانية. وهدمت سلطات الاحتلال 950 مسكنًا ومنشأة، وأصدرت أوامر هدم لـ 2290 مسكنًا ومنشأة أخرى، واقتلعت وجرفت حوالي 18,900 شجرة، معظمها أشجار زيتون مثمر، وفق مركز أبحاث الأراضي.
كما أكد مدير معهد الأبحاث التطبيقية (أريج) جاد إسحاق انّ "إسرائيل بدأت بعمل تسوية الأراضي في مدينة القدس الشرقية بهدف السيطرة على الأراضي الفلسطينيين في الخارج تحت مُسمى (أملاك الغائبين). والفلسطينيون يتمسكون بالقدس الشرقية عاصمةً لدولتهم المأمولة، استنادا إلى قرارات الشرعية الدولية التي لا تعترف باحتلال إسرائيل للمدينة عام 1967 ولا بضمها إليها في 1981.
وبحسب إسحاق فإن إسرائيل تسيطر على 75 بالمائة من الأراضي المصنفة "ج" حسب اتفاقية أوسلو الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، أي أن تل أبيب أبقت جزء من "ج" قليل بالإضافة إلى مناطق "أ" و "ب". واتفاقية أوسلو 2 لعام 1995 صنفت أراضي الضفة الغربية 3 مناطق: "أ" تخضع لسيطرة فلسطينية كاملة، و"ب" تخضع لسيطرة أمنية إسرائيلية ومدنية وإدارية فلسطينية، و"ج" تخضع لسيطرة مدنية وإدارية وأمنية إسرائيلية.
وأضاف إسحاق: المناطق "أ" و "ب "أصبحت مستودعات بشرية لا يوجد مساحات زراعية ومفتوحة.. وإسرائيل غضت الطرف عن البناء العشوائي في عدد من المناطق في القدس ومحيطها مثل الرام والعيزرية وأبو ديس كفر عقب وبيت جالا ودار صلاح. و"الكثافة السكانية في تلك التجمعات وصلت إلى 50 ألف نسمة للكيلو متر مربع وتفتقر للبنية التحتية"، وفق إسحاق.
وأردف: "استجابة لمتطلبات الحياة والتوسع العمراني اضطر أهالي القدس للبناء خارج حدود بلدية القدس الإسرائيلية، ما قد يفقدهم حق البطاقة المقدسية.. وهذا سيؤدي إلى تناقص نسبة السكان الفلسطينيين في القدس من 37 بالمائة إلى أقل من 20 المائة".
تصاعد خطير
منسق الحملة الوطنية لمقاومة الجدار والاستيطان جمال جمعة يقول إن العام 2022 شهد تصاعدًا خطيرًا في عدد الوحدات الاستيطانية، وتضاعفت بوتيرة متسارعة وصلت إلى مستويات قياسية غير مسبوقة مقارنة بالأعوام السابقة.
ويوضح جمعة أن عدد الوحدات الاستيطانية وصل خلال العام الجاري إلى حوالي 14 ألف وحدة تم إقرارها رسميًا في الضفة والقدس جزء كبير منها جرى العمل على إقامتها مقارنة بإقرار 6800 وحدة خلال العام 2021، في المقابل جرى هدم 318 منزلا و583 منشأة فلسطينية" .
ويضيف أن حكومة الاحتلال تعمل على توسيع البؤر الاستيطانية بشكل كبير، لكن الأخطر من ذلك، مشاريع البنى التحتية الهائلة التي يجري العمل عليها في الضفة، ضمن سياسة الفصل العنصري. حيث أن نفود المستوطنات تضاعف من 3.1% من مساحة الضفة إلى 9.1%. وهنالك في الضفة الغربية 179 مستوطنة إسرائيلية، فيما يبلغ عدد المستوطنين في الضفة بما فيها مدينة القدس الشرقية المحتلة 950 ألف مستوطن.
وهناك ثلاثة مشاريع بنى تحتية ضخمة ما تزال قيد العمل، تتضمن إقامة طرق استيطانية التفافية كبيرة لتقسيم معالم الضفة المحتلة، منها مشروع "غوش عتصيون"، الذي يقطع باتجاه الشرق، ويلتف على مرتفعات الخليل باتجاه الجنوب لضم كل مستوطنات مشارف الغور في مجمع "غوش عتصيون".
ويشير جمعة إلى أن الاحتلال يعمل أيضًا، على إقامة نفق استيطاني تحت حاجز قلنديا شمال القدس، لفصل مستوطنات شرق رام الله ونابلس عما يسمى خط "ألون" بشكل حيوي مع القدس والأراضي المحتلة عام 1948 عبر هذا النفق، وإنشاء مستوطنة ضخمة في مطار قلنديا تضم 9 آلاف وحدة استيطانية.
والمشروع الثالث، يبدأ من حاجز زعترة جنوب نابلس ويخترق بلدة بيتا ويلتف حول حوارة، لربط مستوطنات شرق نابلس مع خط "يتسهار" والمستوطنات القائمة على طول الخط الذي يصل حتى مدينة قلقيلية، وبالتالي توفير مسارات مفتوحة للمستوطنين في كل المستوطنات المشرفة على غور الأردن.
ويضيف جمعة أن من شأن هذه المشاريع أن تعزل غور الأردن بمنحدرات شرقية، تمهيدًا لعملية ضم الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية.
ويلفت إلى أن مدينة القدس تتعرض لعملية تهويد ممنهجة ومتسارعة، حيث تم خلال العام 2022، زيادة توسعة الاستيطان، وإقرار مشاريع في بلدة سلوان ومحيط البلدة القديمة، ووادي الجوز، وحي الشيخ جراح.
والأخطر خلال العام 2022، تصاعد سياسة تهجير الفلسطينيين لأجل تنفيذ مشاريع الاستيطان، وخاصة في مناطق (ج)، وأيضًا استهداف قرية مسافر يطا بالخليل المهددة بالضم، وهي معزولة عسكريًا، وجرى هدم تجمعات ومدارس فيها.
وشهد هذا العام، تصاعدًا غير مسبوق في هجمات المستوطنين ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم في الضفة والقدس، وصل إلى ما يزيد عن 500 اعتداء، طالت مركبات ومنازل المواطنين، وحرق واقتلاع أشجار الزيتون، والاستيلاء على الأراضي، ونتج هذه الاعتداءات إصابات وشهداء.
بؤر استيطانية ورعوية
وبحسب رصد أعده مدير معهد الأبحاث التطبيقية (أريج) جاد إسحاق ، تنتشر في الضفة الغربية 220 بؤرة استيطانية (غير مرخصة من الحكومة الإسرائيلية) بالإضافة إلى 20 بؤرة رعوية.
وقال إسحاق إن "ظاهرة البؤر الاستيطانية بدأت عام 1998، وتهدف إلى السيطرة على أوسع مساحة من أراضي الضفة الغربية".
والبؤرة تبدأ بوضع بيت متنقل يسكنه مستوطن إسرائيلي يطلب من الجيش توفير الحماية والمياه والكهرباء، ثم لاحقا تتحول مجموعة من البيوت المتنقلة إلى بيوت مشيدة وتجمع لمجموعة من العائلات.
و"بالرغم من دعوة اللجنة الرباعية الدولية في 2011 إلى إزالة تلك البؤر، إلا أن السلطات الإسرائيلية دعمتها"، بحسب أسحاق.
وفي 2002، أُنشئت اللجنة الرباعية للسلام بالشرق الأوسط وتضم الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، وتهدف إلى حل المشاكل العالقة بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل.
وأكد إسحاق أن "96 بالمائة من البؤرة الاستيطانية أُنشئت في مواقع إستراتيجية من شأنها تحويل الضفة الغربية إلى كانتونات".
وبالرغم من أن إسرائيل لم تشرعن تلك البؤر إلا أنها، وفق إسحاق"، "أخطر من المستوطنات كونها تحول دون قيام دولة فلسطينية متواصلة جغرافيا".
ومفاوضات السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي متوقفة منذ أبريل/ نيسان 2014؛ جراء رفض تل أبيب وقف الاستيطان والإفراج عن معتقلين قدامى، بجانب تنصلها من مبدأ حل الدولتين (فلسطينية وإسرائيلية).
ولفت إسحاق إلى أن "إسرائيل اهتمت في السنوات الأخيرة بالبؤر الرعوية التي تتمثل في إقامة مزارع للماشية تسيطر على أراضي رعوية شاسعة يمنع على الفلسطينيين استثمارها واستغلالها.. وفي الأغوار شرقي الضفة الغربية تنتشر 20 بؤرة رعوية".
وأفاد إسحاق بأن "الكثافة السكانية في المناطق المصنفة أ و ب وصلت 3 آلاف نسمة في الكيلو متر الواحد".
وتوقع أن "تصبح تلك المناطق بعد 15 عاما أشبه بمخيمات لا توجد بها مناطق زراعية أو مفتوحة.. الأمر إذا ما استمر سيدفع بالعديد (من الفلسطينيين) إلى التفكير في الهجرة".
العام الأصعب
وحول توقعاته للعام 2023، يقول جمعة إن العام المقبل سيكون الأسوأ والأصعب على الفلسطينيين من العام 2022، في ظل حكومة اليمين الإسرائيلي المتطرفة، والتي تدعم توسيع الاستيطان.
ويضيف "نحن أمام حكومة فاشية عنصرية يقوم برنامجها الأساسي على عملية الضم، ربما لن يكون بشكل رسمي لتفادي الغضب العالمي، لكننا سنشهد ثورة كبيرة في توسعة المستوطنات، وزيادة الوحدات الاستيطانية، وطرد الفلسطينيين والاستيلاء على مساحات واسعة من أراضي الضفة، وخصوصًا في مناطق(c)".
ويتابع "نتوقع أن يكون العام المقبل سيئًا جدًا على قرية مسافر يطا والتجمعات البدوية في الأغوار الشمالية، وكذلك تعزيز سطوة وهجمات المستوطنين على الفلسطينيين، وقد نشهد مواجهات دامية مع هؤلاء المستوطنين".
ويستوطن نحو 451 ألف يهودي في 132 مستوطنة و147 بؤرة استيطانية عشوائية في الضفة الغربية، و230 ألف مستوطن في القدس المحتلة.
أكثر تطرفًا
أما مسؤول ملف الاستيطان شمال الضفة غسان دغلس فيقول لوكالة "صفا" إن حكومة الاحتلال عملت خلال العام 2022 على ضم الضفة ضمًا حقيقيًا، أي ضم الأرض بالمستوطنين دون الفلسطينيين، وهذا يعني إغلاقًا من طرف واحد للصراع الدائر منذ 100 عام، واعتبار "فلسطين بكاملها أرضًا تتبع لدولة الاحتلال".
ويضيف أن" المجتمع الإسرائيلي انحاز انحيازًا عميقًا للأحزاب والعناصر الأكثر تطرفًا وحقدًا على الفلسطينيين، فما أن بلغت السياسة الإسرائيلية منحدرًا سحيقًا بأن يصبح مجرمون مثل سموتريتش وبن غفير وزراء في حكومة يقودها نتنياهو حتى أصبح ما تبقى من اتفاقيات مع الفلسطينيين أو تعهدات أمام العالم رمادًا تذروه الرياح".
ويشير إلى أن المتطرف سموتريتش وضع خطة ومرر قانونًا في الكنيست ينص على تخصيص مليار شيكل من أجل تطوير الطرق الاستيطانية على أراضي الفلسطينيين في الضفة وشرقي القدس.
وقد أعلنت وزارة الداخلية الإسرائيلية عن دعم مستوطنات الضفة الغربية المحتلة بعشرات الملايين من الشواقل. وذكرت صحيفة "مكور ريشون" العبرية أن وزيرة الداخلية السابقة أقرت قبل تركها مهام منصبها لصالح الوزير الجديد آريه درعي مكافأة لبعض المستوطنات في الضفة والتي تصل قيمتها الى 55 مليون شيقل.
وتشمل ميزانية المستوطنات الإضافية دعمًا لإنشاء مبانٍ جامعية ومقاهٍ ومطاعم وبنية تحتية لخدمة الهاتف النقال في مستوطنات "إفرات" و"معاليه أدوميم" و"أرائيل" و"بنيامين". كما تشمل المبالغ دعماً للمكونات الأمنية في المستوطنات سعياً للتأقلم مع موجة العمليات الأخيرة. واشتملت خطة الدعم أيضًا مناطق الجليل والنقب لتهويدها بمبالغ تصل لـ300 مليون شيقل.