إسرائيل أصبحت عبئاً ثقيلاً جداً على المنظومة الدولية

إسرائيل أصبحت عبئاً ثقيلاً جداً على المنظومة الدولية

في الثامن عشر من أكتوبر الجاري أعلنت وزيرة الخارجية الأسترالية بيني وونغ التراجع عن قرار الحكومة السابقة الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمةً لدولة الاحتلال الإسرائيلي ، مؤكدة التزام كانبرا بحل الدولتين، وبأن سفارة بلادها كانت دائماً في تل أبيب ، وستظل هناك ..

القرار بطبيعة الحال لاقى ارتياحاً و ترحيباً عالي المستوى عربياً و إسلامياً و دولياً ، خاصةً في الأوساط المُناصرة للقضية الفلسطينية ، لأنّ هذا القرار يُضاف إلى سجل البراهين التي تُثبت أنّ الاحتلال الإسرائيلي أصبح عبئاً ثقيلاً جداً على المنظومة الدولية ، بسبب إصراره على نهج العنف و مواصلة الاعتداء على الشعب الفلسطيني ، صاحب الأرض و الهوية ..

السؤال الذي يطرح نفسه في هذا السياق : ماهي تبعات و دلائل هذا القرار ؟ و لماذا تمّ اتخاذه في هذا التوقيت ؟ و ماهي المكاسب الفلسطينية التي يمكن أن تُجنَى من ورائه ؟

لو عدنا بالذاكرة قليلاً إلى الوراء ، و تحديداً إلى الخامس عشر من شهر كان الأول 2018 ، حين اعترفت الحكومة الأسترالية السابقة برئاسة سكوت موريسون بالقدس عاصمة أبدية لدولة الاحتلال الإسرائيلية ، فسوف نستذكر أنّ القرار تمّ تصنيفه آنذاك بأنه خرق للسياسة التي تبعتها الحكومات الأسترالية المتعاقبة منذ عقود ، و التي لم تُقدِم على مثل هذه الخطوة ، و لهذا فإنّ قرار الحكومة المحافظة لاقى ترحيباً إسرائيلياً واسع النطاق ، واستياءً عربياً وفلسطينياً ، لا سيما أنه جاء بعد نحو عام من قرار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمةً أبدية للاحتلال ، وبعد نحو سبعة أشهر على افتتاح السفارة الأمريكية في القدس المحتلة.

و لابد من الإشارة هنا إلى أنّ معارضين لحكومة موريسون قالوا حينها إنَّ القرار اتُخِذَ لتحقيق مكاسب انتخابية ، و ليس من باب مصلحة الاحتلال و السعي لمنحه القدس على طبقٍ من ذهب ، إذ أنه جاء قبل أيام قليلة من انتخابات تشريعية تكميلية في دائرة في سيدني ذات أغلبية يهودية ، و كان لابد من السير ضمن ما تقتضيه المصلحة الانتخابية ، و بالتالي يمكن القول إنّ ذلك التزامن الواضح بين المسألتين يَشِي بأشياء كثيرة ، أبرزها عدم وجود قناعة تامة لدى حكومة أستراليا آنذاك بالاعتراف بالقدس عاصمة للاحتلال ، و الدليل على ذلك هو التنصّل الحاصل حالياً ..

إضافةً إلى ذلك يمكن القول إنّ القرار جاء أيضاً في خضم موجة تطبيع بين دول عربية و دولة الاحتلال الإسرائيلي و التوقيع على ما عُرف بالاتفاق الإبراهيمي في البيت الأبيض منتصف سبتمبر ألفين وعشرين ، بين كل من الاحتلال الإسرائيلي من جهة والإمارات والبحرين من جهة أخرى و برعايةٍ أمريكية.

الخطوة الأسترالية سبقها خطوات متشابهة من كلٍّ من غواتيمالا وهندوراس، إضافةً إلى باراغواي التي تراجعت عن ذلك لاحقاً وأعادت سفارتها إلى تل أبيب، في حين أعلنت لاحقاً كلٌّ من غينيا الاستوائية والتشيك والمجر وسلوفاكيا إضافة إلى بريطانيا نيتها نقل سفاراتها إلى القدس المحتلة، أو فتح مكاتب تجارية، أو مراكز ثقافية هناك.

و تتبّعاً للأحداث ، في الحادي والعشرين من مايو الماضي نجح حزب العمال الأسترالي بزعامة أنتوني ألبانيز في الفوز بالانتخابات التشريعية وإطاحة المحافظين بعد تربعهم على السلطة لتسع سنوات ، الأمر الذي دفع نحو سحب قرار الاعتراف و إلغائه نهائياً ..

سوف يأتي اليوم الذي تراجع فيه كل الدول حساباتها مع الاحتلال ، لأنه يصمّ آذانه عن كل النداءات الدولية التي يتم توجيهها إليه بضرورة التوقف عن ارتكاب المجازر بحق الشعب الفلسطيني ، و لن يبقى له سوى بضعة حلفاء مغلوبين على أمرهم ..

المصدر/ المركز الأوروبي الفلسطيني للإعلام