النكبة الفلسطينية...

في الخامس عشر من أيار من كل عام، ومنذ أربعة وسبعين عامًا، يحيي الفلسطينيون ومعهم القوى الحية في العالم ذكرى نكبتهم ،ليؤكدوا رفضهم للاحتلال، ويجددوا حق عودتهم لأرضهم التي انتزعت منهم ،رافضين مشاريع التسوية والتصفيه.
والنكبة مصطلح فلسطيني يبحث في المأساة الانسانية، والتي شملت أحداثها عشرات المجازر والفظائع، وأعمال التدمير للقرى والبلدات على أيدي عصابات الهاجاناه والأرجون وإشتيرن، رافقها أعمال النهب والقتل لهدم معالم المجتمع الفلسطيني الحضارية بكافة أشكاله لصالح إقامة دولة الكيان المزيف.
النكبة تعكس الواقع المرير الذي حل بالشعب الفلسطيني، وهي شاهد حي على الجرائم الصهيونية وعنوان للمعاناة والألم والمأساه، وهي أطول لجوء في التاريخ، وأكثرها عددًا، وما يزيد عن سبعة ملايين لاجئ في شتى بقاع الارض، نتج عنها الآف الشهداء والجرحى والأسرى .
ومن الجدير بالذكر أن الفلسطيني لم يتحول الى لاجئ كسول اكتفى بما تقدمه منظمات الإغاثة الدولية، ويبحث عن لقمة عيشه وأصبح عبئًا على الآخرين، بل ساهم ولا زال يساهم في البناء والنهضة حيثما حل وارتحل، حاصلا على أرقى المؤهلات العلمية المختلفة ومتمسكًا بحق عودته، وداعما لنضال شعبه.
تأتي هذه الذكرى في ظل حالة من التردي في البيئة العربية، حيث القطيعة بين دولها والتفكك في منظومتها والصراعات الداخلية في بعض دولها، وفي حالة متسارعة غير مسبوقة للتطبيع مع الكيان الصهيوني، لتصبح بعض هذه الدول ضاغطة على الفلسطيني بدلاً أن تكون داعمة له.
تأتي هذه الذكرى في ظل محاولة بل محاولات فرض التقسيم الزماني، وصولًا للتقسيم المكاني لبيت المقدس من قبل المستوطنين، وبدعم من سلطات الإحتلال وشرطته. إلا أن إرادة المرابطين والمرابطات، وشد الرحال للفجر العظيم والاعتكاف من شعبنا في الضفة والداخل المحتل، وتهديدات المقاومة في غزة العزه ألجمت العدو وأجبرته على التراجع مكرها.
تأتي هذه الذكرى، وقوات الاحتلال الصهيوني تحاول إسكات نقل حقيقة جرائمها بإغتيالها الإعلامية الفلسطينية شيرين أبو عاقله، فأصبحت ايقونة التعاطف العالمي والإنكار الدولي لفعلتها الشنعاء.
إن الاعتراف بدولة الكيان الصهيوني في ظل موازين قوى تميل لصالحه، ثم القبول بها في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية هو شرعنة للإستعمار وقبول بالظلم، لأن استمرار حرمان الفلسطيني من العودة الى دياره وأرضه التي أخرج منها هو جريمة مستمرة فالعودة حق وليست هبه.
إن معركة سيف القدس عام ٢٠٢١ فرضت واقعًا، وأصبحت المقاومة الفلسطينية جزءًا من ميزان القوى في المنطقة، حيث أنها انتقلت من إستراتيجية الصمود والتصدي الى ستراتيجية التحرير، ويتطلع الشعب الفلسطيني، إليها بأمل التحرير والعودة وهو حاضن وداعم دائم لها .
هي ليست ذكرى يحييها الفلسطينيون فقط، بل تشكل حدثًا، وحقًا مسلوبًا وشعبًا مشردًا يخوض نضاله من أجل استرداد حقوقه والعودة الى أرضه ودياره لإعمارها والعيش فيها، رافضًا كل مشاريع التسوية والتصفية، ويواصل نضاله وجهاده لأن هدفه وتطلعاته هي تحرير أرضه المغتصبة والمسلوبة من النهر الى البحر ، ولا بقاء لمحتل غاصب فيها.
ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريبا