الأعياد اليهودية .. إعلان حرب على المسجد الأقصى

النفخ في البوق، ارتداء الثياب البيضاء، تقديم القرابين، طقوس دينية يسعى المستوطنون لتنفيذها داخل ساحات المسجد الأقصى من خلال اقتحامه، وليست المرة الأولى التي يقتحم فيها الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيه المسجد الأقصى، ويحاول استفزاز المسلمين والفلسطينيين جميعاً، ولكن لعل هذه المرة هي الأخطر في اقتحامات المستوطنين، لأن الاحتلال يسعى من خلالها لفرض واقعٍ جديد في تهويد المدينة المقدسة والمسجد الأقصى ويمهد للمستوطنين لتنفيذ مخططاتهم في العمل على هدم الأقصى وبناء هيكلهم المزعوم.
والحدث الأبرز في هذه الاقتحامات يتمثل في تكثيفها، وحصول المستوطنين على إذن لنفخ البوق داخل المسجد الأقصى، الأمر الذي يسعى من خلاله الاحتلال لتحويل المسجد الأقصى من مسجد للمسلمين إلى مكان تقام فيه الطقوس الدينية اليهودية، تمهيداً لتهويده والسيطرة عليه.
الأعياد اليهودية:
أكد الباحث في شؤون القدس زياد ابحيص أن الأقصى أمام أعتى موجات العدوان في 2022.
وأضاف بحيص في مقال له أنه "على مدى سنوات العدوان المتصاعد على الأقصى منذ القرن العشرين، كان موسم الأعياد المتتالية من رأس السنة العبرية مروراً بـ "عيد الغفران" ووصولاً إلى "عيد العُرُش" التوراتي أعتى مواسم العدوان على الأقصى، ومحطة انفجار أغلب المواجهات لأجله".
موضحاً أن مجزرة الأقصى إبان الانتفاضة الأولى جاءت في 8-10-1990 متزامنة مع محاولة جماعة "أمناء جبل الهيكل" وضع حجر الأساس للهيكل المزعوم في "عيد العُرش" التوراتي، وهبة النفق جاءت في 26-9-1996 رداً على افتتاح الحكومة الصهيونية النفق الغربي تحت الأقصى في "عيد الغفران" العبري، وانتفاضة الأقصى في 28-9-2000 جاءت عقب اقتحام أريئيل شارون للمسجد الأقصى المبارك عشية رأس السنة العبرية، أما هبة السكاكين في 3-10-2015 فقد انطلقت بالتزامن مع "عيد العُرُش" التوراتي، بعد أن حاول الاحتلال فرض التقسيم الزماني التام وإغلاق الأقصى في وجه المسلمين تماماً في أعياد اليهود في رأس السنة العبرية والغفران.
وتمتد الأعياد اليهودية ما بين 26-9 حتى 17-10، على النحو الآتي:
رأس السنة العبرية الإثنين والثلاثاء 26 و 27-9-2022: وتسعى جماعات الهيكل فيها إلى نفخ البوق عدة مرات في المسجد الأقصى المبارك، وتبدأ بهذا العيد "أيام التوبة" التي يحرص الصهاينة فيها على اقتحام الأقصى بأعداد كبيرة وبـ"لباس التوبة" الأبيض الذي هو في الوقت ذاته لباس طبقة الكهنة، والقصد من حضوره الكثيف في الأقصى تكريس حضور "إمامة يهودية" للمسجد تقود الطقوس التوراتية بموازاة الأئمة المسلمين.
"عيد الغفران" العبري الأربعاء 5-10-2022: وهو أعظم أعياد السنة عند اليهود، ويشمل العدوان فيه محاكاة طقوس "قربان الغفران" في الأقصى، كما يحرصون على النفخ في البوق والرقص في كنيسهم المغتصب في المدرسة التنكزية في الرواق الغربي للأقصى بعد أذان المغرب مباشرة. ولكون هذا العيد يومَ تعطيل شامل لمرافق الحياة، فإن الاقتحام الأكبر احتفالاً به سيأتي الخميس 6-10-2022.
"عيد العُرُش" التوراتي من 10 إلى 17-10-2022: ويحرص المقتحمون الصهاينة خلاله على إدخال القرابين النباتية إلى الأقصى، وهي أغصان الصفصاف وسعف النخيل وثمار الحمضيات، لتقدم "قرباناً إلى روح الرب" باعتبارها "تحل في الهيكل" وفق الاعتقاد الحلولي المزعوم الذي تقوم عليه العبادة القربانية، وكل هذه الخطوات للقول إن الأقصى هو ذاك الهيكل المزعوم الذي تحل فيه روح الرب. إلى جانب ذلك، تُجري جماعات الهيكل سباق أعداد سنوي للوصول إلى رقم قياسي للمقتحمين على مدى أيام العُرش الثمانية، وتستعرض مع نهايتها "شكرها" لشرطة الاحتلال، وهذا الشكر يتحول في كل عام إلى استعراض لهيمنة شرطة الاحتلال على الأقصى باعتبارها هي سلطة إدارته، وتهميشاً لحضور الإدارة الإسلامية متمثلة بالأوقاف الأردنية.
رداً على ذلك
أطلق المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج حملة إعلامية إلكترونية تحت عنوان "#نحمي_الأقصى"، رداً على ممارسات الاحتلال.
وقال منسق الحملة سامر عوض إن "حملة نحمي الأقصى تأتي استمراراً لسلسلة الحملات الإعلامية التي يطلقها المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج ضمن الواجب في دعم صمود وإسناد شعبنا الفلسطيني في الداخل ونصرة قضاياه العادلة وفضح جرائم الاحتلال".
وأشار عوض إلى أن الحملة تهدف "لدعم صمود الأهالي في القدس بعد التنكيل، والاعتداءات السافرة عليهم خلال التمهيد للأعياد اليهودية التي انطلقت الاثنين 26-9-2022، وتستمر أسبوعين قادمين يحملان في طياتهم الكثير من التنكيل والاعتداء والاعتقال في ظل صمت لا يليق بالشعوب العربية والإسلامية تجاه القدس".
وأضاف: " نريد عبر هذه الحملة فضح جرائم الاحتلال بما يقوم به تجاه المرابطين في المسجد الأقصى بعد دعوات المستوطنين لتكثيف الاقتحامات و النفخ بالبوق داخل المسجد المبارك بالترامن مع الأعياد، كما نسعى لحشد كل الطاقات والشعوب من أجل نصرة القدس والمسجد الأقصى في كل الساحات والميادين من أجل الوقوف سداً منيعا في وجه مخططات الاحتلال ومستوطنيه".
ونشر المؤتمر الشعبي عدد من التغريدات خلال الحملة أبرزها
"ضمّوا من سد ثغرنا ودافع عن شرف أمتنا إذا غيبتنا الحدود بين دعواتكم.. أقصانا والمرابطين فيه أمانة في أعناقكم"
"المرابطون في الأقصى يرابطون لقدسية المسجد ولقداسة تاريخنا، ديننا وحاضرنا ومستقبلنا هؤلاء نجوم القدس وما عداهم كواكب."
"طوفان الاقتحامات القادم سيواجه بعزم الأحرار والمرابطين وأهل القدس والضفة والداخل المحتل وفلسطينيي الخارج وكل أحرار العالم."
كما شارك عدد من الشخصيات الوطنية في الحملة بتصريحات مختلفة رافضة لسياسة الاحتلال ومحاولاته تهويد الأقصى.
فلسطينيو الخارج: القدس محور الصراع، والشعب الفلسطيني سيُفشل مخططات الاحتلال
حيث قال الأمين العام للمؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج د.أحمد محيسن إن "قيام عصابات وقوات الاحتلال الإسرائيلي بهذه الإجراءات القمعية التعسفية بحق المقدسيين والمرابطين في المسجد الأقصى، يأتي تزامناً مع اقتراب الانتخابات الإسرائيلية المنتظرة، حيث يتنافس ساسة الاحتلال بمن يكون أكثر دموية ويمينية وتطرفاً في العدوان على شعبنا ومقدساتنا والإطباق على المدينة المقدسة وبناء المزيد من المستوطنات وابتلاع الأرض وتهجير سكانها."
وأضاف محيسن في تصريح خاص لـ"فلسطينيو الخارج" أن هذا التصعيد يأتي في ظل فشل سياسات الاحتلال العدوانية في إفراغ المدينة من سكانها الأصليين، ولثني أبناء الشعب الفلسطيني عن الدفاع عن المقدسات في القدس وإرهاب المقدسيين وكسر إرادتهم في مقاومة المحتل وإحباط مخططاتهم.
وأكد أن الشعب الفلسطيني في القدس والضفة المحتلة سيُفشل عدوان الاحتلال ومخططاته كما في كل مرة.
من جانبه قال رئيس لجنة القدس في المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج حلمي البلبيسي: إن "اقتحام المسجد الأقصى وتدنيسه ليس عدواناً على الشعب الفلسطيني فقط إنما هو عدوان على الأمة العربية والإسلامية جمعاء".
ونوه البلبيسي خلال تصريحه لـ"فلسطينيو الخارج"، إلى أن حماية المسجد الأقصى هي مسئولية المسلمين في كل مكان.
كما دعا باسم لجنة القدس للمؤتمر الشعبي، كافة أحرار العالم للخروج في مظاهرات أمام سفارات الاحتلال لرفض الممارسات الصهيونية.
وتابع: "ندعو أهلنا في فلسطين المحتلة عام 48 وفي الضفة الغربية وفي القدس للنفير للرباط في المسجد الأقصى، وإغلاق مداخله أمام المستوطنين.
وفي سياق متصل قال نائب الأمين العام للمؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج هشام أبو محفوظ إن " قرار شعبنا الفلسطيني في الداخل والخارج موحد حول الدفاع عن القدس والمقدسات والتصدي للسياسات التهويدية الإسرائيلية وإفشالها".
وأكد أن القدس محور الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي، وستبقى عاصمة فلسطين.
وخلال حديثه لـ"فلسطينيو الخارج" وجه أبو محفوظ رسالة لأحرار العالم بأن ينتفضو ضد سياسة التهويد تجاه المقدسات الإسلامية والمسيحية وأن يدعموا صمود المقدسيين في معركتهم ضد الاحتلال.
مناصرون
وفي سياق نصرة الأقصى أجمعت عدة مؤسسات وشخصيات دولية مناصرة للقضية الفلسطينية منها برلمانيون، على أن الاحتلال يعلن من خلال تكثيف اقتحاماته للمسجد الأقصى حرباً مع المسلمين، كما اعتبروا أن التطبيع العربي كان مشجعاً للاحتلال لزيادة ممارساته الاستفزازية في القدس.
حيث قال النائب الأسبق في البرلمان الجزائري عبد الحميد بن سالم: إن " التطبيع الذي أقدمت عليه دول عربية والدعم المباشر من تلك الدول للاحتلال، كان محفزاً "للمتطرفين" من أجل إنهاء المعركة، والسيطرة الكاملة على الأرض والمقدسات".
وأكد بن سالم في تصريح خاص لـ"فلسطينيو الخارج" أن " الاحتلال يعلن حرباً دينية شاملة، يستفز من خلالها مشاعر المسلمين، وضمير الإنسانية، "ليجد أبناء الأمة أنفسهم في مواجهة مع الكيان من أجل حماية مقدساتهم".
كما شدّد على أهميّة تدخل الدول العربية والإسلامية الممانعة خصوصاً من أجل حماية المسجد الأقصى ووضع حد للمتطرفين.
وفي السياق ذاته أكد رئيس ملتقى العقبة الوطني للدفاع عن القدس صلاح الدين البيطار لـ"فلسطينيو الخارج" أن حالة الاشتباك ستبقى مستمرة في المسجد الأقصى مع استمرار الاعتداءات من قبل قطعان المستوطنين والاستفزازات من جنود الاحتلال، مشيراً إلى أنه رغم تكرار هذه الاعتداءات إلا أن الاحتلال أخفق في كل محاولاته المتعددة والمتكررة لتنفيذ أي من طقوسه.
بدوره دعا النائب في البرلمان الأردني صالح العرموطي لجعل الجمعة القادمة يوماً لنصرة القدس، مشدداً على ضرورة وقف التنسيق الأمني، واتفاقيات التعاون والتطبيع، وتقديم قادة الاحتلال للعدالة على جرائمهم بحق الأقصى.
مقدسيون
صرّح عدد من الشخصيات المقدسية والمرابطين في المسجد الأقصى لـ"فلسطينيو الخارج" بأن الاحتلال يمنع المرابطين والمقدسيين من الوصول للمسجد الأقصى حتى يتمكن من تنفيذ طقوسه الدينية وتحقيق هدفه من الاقتحامات، مؤكدين أن المرابطين والفلسطينيين داخل فلسطين لن يتركوا الأقصى وحيداً ولن يسمحوا للاحتلال باستباحته.
حيث قال الشيخ عكرمة صبري خطيب المسجد الأقصى إن "ما يحدث اليوم خطير جداً حيث يحاول الاحتلال فرض إرادته عبر العنف وقوات الاحتلال قمعت المرابطين في الأقصى هذه المرة بصورة أكبر، وحولت المسجد إلى ثكنة عسكرية".
وأضاف أنه "لا يجوز ترك المقدسيين وحدهم في الميدان للدفاع عن الأقصى، ويجب أن تتحرك الأمتين العربية والإسلامية لنصرته وحمايته".
وأكد الشيخ صبري أن النفخ في البوق بالمسجد الأقصى تدنيس واستفزاز لمشاعر المسلمين.
من جانبه أشار نائب رئيس الحركة الإسلامية في الأراضي المحتلة عام 1948 كمال الخطيب إلى أن منع قوات الاحتلال لفلسطينيي الداخل المحتل من الوصول للأقصى يعكس الخوف من دورهم لأنهم أصبحوا خط الدفاع الأول عنه
ودعا للرباط في المسجد الأقصى قائلاً: "إنّ أقل الواجب أن ننصر المسجد الأقصى برباط مستمر، بعشرات الآلاف في هذه الأيام التي يسعى المستوطنون فيها لاقتحامات غير مسبوقة للأقصى".
وبيّنت المرابطة المقدسية هنادي الحلواني أن الاحتلال بدأ حملة مسعورة من التضييق على أهل القدس والداخل الفلسطيني حتى يحقق هدفه في اقتحام المسجد الأقصى، ولتمر الأعياد اليهودية بأمان، حيث نفذ العديد من الاعتقالات واقتحامات المنازل وتنفيذ قرارات إبعاد للمرابطين.
وأكدت حلواني على أنه رغم إصرار الاحتلال على تهويد الأقصى إلا أن المرابطين لن يتركوه وحيداً ولن يبرحوا الرباط فيه.
والجدير ذكره أن "جماعات الهيكل" بدأت الاثنين 26-9-2022، بتنفيذ سلسلة من البرامج التهويدية واقتحامات واسعة للمسجد الأقصى، بحماية من شرطة الاحتلال، بمناسبة موسم الأعياد اليهودية، الذي يستمر حتى شهرأكتوبر القادم.
وصاحب سلسلة الاقتحامات حملة تضييق تمثلت بإبعاد المرابطين عن المسجد الأقصى وتنفيذ عدة اعتقالات واقتحامات لمنازل المقدسيين.
في مقابل ذلك تصاعدت الدعوات الفلسطينية لتكثيف الرباط والحشد الدائم في المسجد الأقصى، وحمايته والدفاع عنه من اقتحامات المستوطنين المتطرفين ومخططاتهم، خلال موسم الأعياد اليهودية.