المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج:  الحقوق والثوابت

 المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج:  الحقوق والثوابت
ما زال أبناء فلسطين في الخارج يحملون الوطن المحتل والقضية المقدسة في قلوبهم ويدفعون ثمن انتمائهم لفلسطين حتى بين أشقائهم العرب، فضلاً عن دفاعهم المستمر عن هويتهم والحفاظ عليها وعدم الذوبان والانصهار في المجتمعات الغربية، مع أن الشعب الفلسطيني أثبت جدارته في فن التعايش مع الآخر والاندماج الفعال في مختلف المجتمعات.

شعبنا الفلسطيني، وخاصة نحن الذين عشنا الشتات بكل تفاصيله، شعب حي وفاعل ومؤثر ومبدع في كل المجالات، ولطالما حمل همّ القضية ودافع عنها في شتى المناسبات الوطنية والمحافل الدولية.
بشكل دائم ودؤوب حافظ أبناء فلسطين في الشتات على انتمائهم الوطني، وشاركوا في كل معارك أهلنا في الداخل بل هم صوت الداخل ووسيلته لإسماع شكايته للعالم، وهم خط الدعم والظهير الأول لشعبنا المرابط في فلسطين الحبيبة، في كل الانتفاضات والحروب.
فلسطينيو الخارج هم سفراء فلسطين، ولا تقلّ معاناتهم في مخيمات اللجوء عن معاناة أهلنا الصابرين في القدس والضفة وقطاع غزة المحاصر، لقد دفع اللاجئ الفلسطيني في مخيمات الدول العربية ثمناً باهظاً من تمييز ضده وهضم لحقوقه وانتقاص من انسانيته وحرمان من حقوقه الأساسية في التعليم والصحة والعمل في مختلف المجالات، عدا عن الإهانة والإذلال التي يلاقيها بأشكال ونسب مختلفة من بلد لآخر، وما زالت ألوان من التمييز تمارس تجاه أبناء فلسطين في الشتات بشكل صارخ ومهين إلى الآن.

كما دفع أبناء شعبنا المهجر ثمناً باهظاً نتيجة الحروب والأزمات التي تشهدها الدول العربية، فذاقوا مرارة التهجير واللجوء والتشتت مرات ومرات كحال فلسطينيي العراق الذين ضاقت بهم كل الدول العربية لتحتضنهم البرازيل وتشيلي والسويد وكندا، وما زلنا نشهد فصول معاناة الهجرة والتشرد واللجوء لفلسطينيي سورية الذين ذاقوا كل ألوان الموت والتجويع والحصار القاتل .

كل هذه الويلات التي كابدها ويكابدها الفلسطيني في الخارج ويعيش تفاصيلها كل يوم، من إيذاء وحصار وحرمان من العمل أو حق التملك والتعليم والصحة،  فضلاً عن التمييز وفي أحسن الاحوال التبكيت والضغط النفسي، جعلته يتمسك أكثر بوطنه الذي يسكن قلبه، وجعلته أكثر تشبثاً وارتباطاً بأرضه وحقوقه ومقدساته. ولا تكاد تجد فلسطينياً واحداً في هذا العالم  غير متصلٍ بفلسطين أو مواكبٍ لأخبارها أو ناشطٍ لأجلها أو داعمٍ لها في شتى المجالات.

ومع كل ذلك، لاقى الفلسطيني في الخارج تهميشاً سياسياً واضحاً وإقصاءً بيّناً عن صناعة القرار الفلسطيني أو هكذا أراد له البعض، من خلال التعطيل المتعمد للمؤسسات التشريعية الفلسطينية، كمنظمة التحرير والمجلس  الوطني وحالة الانقسام والاقصاء والاستحواذ ووأد التجربة السياسية الديمقراطية الفلسطينية والالتفاف عليها، واستمرار الحصار الجائر على قطاع غزة والضغط الدولي والخذلان العربي والاقليمي، وتراجع القضية الفلسطينية على سلم أولويات المجتمع الدولي وكذلك على المستوى الاعلامي في ظل الازمات والحروب التي تعصف ببعض الدول العربية، واستغلال العدو الصهيوني لهذه الظروف للاستفراد بالشعب الفلسطيني من تهويد للقدس وتوسع للاستيطان وقتل وأسر وحصار وإرهاب، آن الأوان لأبناء الشعب الفلسطيني في الخارج أن يأخذوا دورهم الطبيعي في مواجهة هذه الأخطار المحدقة بالقضية الفلسطينية والتي تهدف لتصفيتها من خلال تمرير مشاريع مشبوهة لتحقيق مصلحة العدو الصهيوني، وتضييع حقوق وثوابت الشعب الفلسطيني.

لقد بات اجتماع فلسطينيي الخارج ضرورياً في هذه المرحلة بالذات للتصدي للمشروع الصهيوني الخبيث لنهب مقدسات فلسطين ومقدراتها، وتهويد القدس وبناء المستوطنات وتصفية المقاومة الفلسطينية وانتفاضة الاقصى المباركة، وتقسيم ما بقي من فلسطين واستمرار عزل قطاع غزة المحاصر عن باقي الوطن الفلسطيني المحتل، وتصفية قضية اللاجئين من خلال توطينهم وسلبهم حقهم بالعودة إلى أراضيهم وبيوتهم التي هجروا منها، وهذا ما ننتظره من المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج أن يؤكد عليه ويحافظ عليه، حتى لا تضيع قضيتنا وتكون ضحية تقاعسنا وانقسامنا وعجزنا عن القيام بواجب المقاومة والتحرير ونيل الحقوق والحفاظ على الثوابت في كل مكان وزمان حتى نحقق النصر على هذا العدو الغاشم المحتل البغيض.